"استوصوا بالنساء خيراً" تقرير حول تعذيب المدافعات عن حقوق الإنسان في السجون السعودية

1. مقدمة
على مدارعقود، تحاول السلطات السعودية تجاهل أصوات النسويات والمطالبين بحقوق المرأة داخل المملكة العربية السعودية، وخاصة أولئك الذين تجرأوا على تحدي الوضع الراهن ودعوا إلى المساواة، وإلغاء نظام الوصاية والتمييز المبني على النوع الاجتماعي والفصل في البلاد. ومنذ شهر مايو / أيار 2018، نفذت السلطات السعودية حملة واسعة النطاق ضد المدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات في مجال حقوق النساء، وذلك على مرأى و مسمع المجتمع الدولي. ودعت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة مرتين في عام 2018 إلى إطلاق سراح المدافعات عن حقوق الانسان. فبتاريخ 27 يونيو / حزيران 2018، صرّح تسعة خبراء مستقلين من الأمم المتحدة قائلين: "في تناقض صارخ مع اللحظة الاحتفالية لتحرر النساء السعوديات، تم اعتقال واحتجاز المدافعات عن حقوق الإنسان على نطاق واسع في جميع أنحاء البلاد، وهو أمر مثير للقلق وهو إشارة لنهج الحكومة تجاه حقوق المرأة". وبعد فترة وجيزة، تم اعتقال مدافعتين عن حقوق المرأة، ومن ثم تم اعتقال المزيد خلال شهري يوليو / تموز وأغسطس / آب، ليصبح العدد الاجمالي للمعتقلين 21 مدافعاً ومدافعة عن حقوق الإنسان منذ منتصف مايو / أيار 2018. ومن المحتمل أن تكون هناك اعتقالات لم يتم نشرها من قبل العائلات، وتم احتجاز بعض المعتقلات بمعزل عن العالم الخارجي. وتم إطلاق سراح ستة مدافعين عن حقوق الإنسان من اللذين تم اعتقالهم في نفس حملة القمع في الفترة بين مايو / أيار 2018 و يناير / كانون الثاني 2019.
ومن بين المعتقلين من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والذين اعتقلوا في عام 2018 هم: لجين الهذلول، وعزيزة اليوسف، وإيمان النفجان، ونوف عبد العزيز، ود. هتون الفاسي، وسمر بدوي، ونسيمة السادة، ومحمد البجادي، وأمل الحربي، وشدن العنزي. ولا يمكن ذكر أسماء الآخرين.
على الرغم من النداءات التي أطلقتها أكثر من 179 منظمة حقوق إنسان دولية وإقليمية، ومنظمات ومجموعات المجتمع المدني، لإطلاق سراح المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان ومحاسبة المملكة العربية السعودية عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان، تجاهلت المملكة الاحتجاجات في الوقت الذي استمرت فيه في ارتكاب انتهاكات خطيرة ضد مجتمع حقوق الإنسان. لقد أثار موت الصحفي السعودي البارز جمال أحمد خاشقجي تحت التعذيب بعد اختفائه، الاستغراب من مدى الإفلات من العقاب الذي تعتقد السعودية أنها تمتع به. حيث يؤكد مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول بتاريخ 2 أكتوبر / تشرين الثاني 2018، على الانتهاكات الراسخة بنهج مؤسسي والتي ترتكبها السلطات السعودية داخل وخارج البلاد.
لم يسبق أن اشتهرت المملكة العربية السعودية بسمعة اتسمت بالتسامح واحترام حقوق الإنسان، ولكن كانت هناك آمال بعد قيام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوضع خطته الاقتصادية (رؤية 2030) والسماح للنساء بقيادة السيارة، بأنه سيكون هناك تخفيف للقيود المفروضة على حقوق المرأة وحرية التعبير والتجمع. ومع ذلك، قبل رفع حظر القيادة في يونيو /حزيران، تلقت المدافعات عن حقوق الانسان مكالمات هاتفية تحذرهن من التحدث عن الامر. ومع بداية تنفيذ خطة رؤية 2030، بدأت تظهر صحةالفرضية التي ذكرها تقرير مركز الخليج لحقوق الإنسان بأن المرأة المدافعة عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية لن تعد موجودة.
مع استمرار تعبير المنظمات الغير حكومية الدولية وخبراء الأمم المتحدة عن مخاوفهم الصحيحة المتعلقة بسلامة ورفاهية المدافعات عن حقوق الإنسان داخل السجون، فإن إنكار المملكة خلال دورتها الثالثة من المراجعة الدورية الشاملة، الذي تم تأكيده على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الدعاية الإعلامية كان صادماً. وعلى هذه المنظمات الغير حكومية أن تدفع باتجاه المزيد من الضغط، وبأن توحّد الجهود من أجل محاسبة المملكة على الانتهاكات التي ترتكب بأقصى قدر من الإفلات من العقاب، ومن خلال الإهمال الواضح لالتزاماتها الدولية بموجب القانون الدولي. ورغم ذلك، لا تزال المملكة العربية السعودية تحتفظ بمكانتها وتحتل مناصب دولية مثل مقعد في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
كثّف مركز الخليج لحقوق الإنسان من عمله في مجال المناصرة حول المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، وأصدر تقريرين، وقدم طلبين للأمم المتحدة، وبياناً شفهياً أثناء تنظيمه العديد من الفعاليات في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وركزت الفعاليات على المدافعات عن حقوق الإنسان المحتجزات في المملكة العربية السعودية. وعمل مركز الخليج لحقوق الإنسان بلا كلل من خلال تحالف من المنظمات الغير حكومية الشريكة، وتضمنت هذه الشراكة على حملتين على الإنترنت لاطلاق سراح المدافعات السعوديات عن حقوق الانسان، ووضع حد لبيع الأسلحة إلى المملكة. كما قام مركز الخليج لحقوق الإنسان بارسال بعثتي مناصرة مشتركتين في نيويورك وجنيف لوضع استراتيجية والتنسيق لضمان سلامة وحماية النساء السعوديات، وإطلاق سراحهن في نهاية المطاف؛ مع الاستمرار في المطالبة بحقوقهن في الحرية والمساواة والعدالة.
لقد تلقى مركز الخليج لحقوق الإنسان تقارير تؤكد تعذيب المدافعات عن حقوق الإنسان في السجون السعودية في منتصف شهر نوفمبر / تشرين الثاني 2018. ولكن مع وجود صعوبة في موافقة الضحايا وباعتبار أخلاقيات البحث، فضل مركز الخليج لحقوق الإنسان أن لا ينشر تلك التقارير وأن يدافع بشكل ثنائي مع الحلفاء والجهات الفاعلة الدولية، وذلك من اجل ضمان عدم تعرّض هؤلاء النساء للمزيد من المخاطر والتعذيب بسبب الكشف عن هذه المعلومات التي تم الحصول عليها حديثًا. لذلك، واصل مركز الخليج لحقوق الإنسان في التحالف مع الشركاء من المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال الدفاع عن حقوق المدافعات عن حقوق الإنسان في السعودية، من أجل الضغط بأشكال دبلوماسية مختلفة على عدة مستويات، للحصول على الدعم والتخطيط لذلك الضغط الذي يمكن وضعه على السلطات السعودية دولياً لوضع حد للانتهاكات الجارية وإطلاق سراح المدافعات عن حقوق الإنسان، وغيرهن من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء، وضمان عملية المساءلة الشاملة والغير حصرية.
يهدف هذا التقرير إلى لفت الانتباه للتقارير التي تلقاها مركز الخليج لحقوق الإنسان وغيره من منظمات حقوق الإنسان حول تعذيب المدافعات عن حقوق الإنسان. كما يعكس باختصار استخدام المملكة العربية السعودية للتعذيب كآلية انتقامية مؤسسية ومنتظمة. ويعرض هذا التقرير الموجز حالات تعذيب المدافعات عن حقوق الإنسان بناءً على التقارير المباشرة التي تلقاها مركز الخليج لحقوق الإنسان، فضلاً عن الحقائق التي أكدها أفراد عائلات المدافعات عن حقوق الإنسان، وتقارير الشركاء بما في ذلكمنظمة القسطوالمنظمات الغير حكومية الدولية الأخرى.
لتحميل النسخة الكاملة من التقرير باللغة العربية أضغط أعلاه على "Download File"